#من_أحداث_شوال
زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأمنا عائشة
في السنة العاشرة من البعثة عقد صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة رضي الله عنهم، وفي شوال من السنة الأولى للهجرة بنى صلى الله عليه وسلم بها.
ولم يتزوج صلى الله عليه وسلم بكرا سوى عائشة، وكانت من أكثر الصحابة رواية للحديث، ومن أعلم الناس باللغة والطب، وأكثرهم حفظا للأشعار، ومن فضلها أن الوحي كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها، ونزلت براءتها في القرآن الكريم، وكان أكابر الصحابة يلجؤون إليها لحل العويصات، وتوفيت سنة ثمان وخمسين للهجرة.
سرية رابغ
في شوال من السنة الأولى للهجرة، كانت سرية رابغ إحدى أوائل السرايا التي يبعثها النبي صلى الله عليه وسلم، التي تختلف ظروفها وأسبابها وهدفها واحد؛ وهو خدمة الإسلام.
وقد أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث بن المطلب في ستين من المهاجرين لاعتراض عير لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب، فصادفوا العير بموضع يسمى بطن رابغ، ولم يحدث بين الفريقين قتال، إلا ما كان من ترام بالنبال، دون مواجهة مباشرة، ورجع عبيدة وأصحابه إلى المدينة ولم يصابوا بأذى.
وقد حققت السرية الهدف الذي خرجت من أجله حيث تلقت قريش رسالة مفادها أن المسلمين لن يتخلوا عن حقوقهم التي سلبتها منهم قريش، وأنهم أي المسلمون قادرون على غزو الأعداء وعلى رد صولتهم، كما كان من أهداف السرية جمع المعلومات عن الأعداء والاطلاع على طبيعة الأرض لتحديد طرقها وأمكنة الآبار فيها، إلى غير ذلك مما يهم مثلهم ممن يخطط لإقامة دولة جديدة لن تكون الطريق إليها مفروشة بالورود.
إجلاء بني قينقاع
وفي شهر شوال من السنة الثانية للهجرة كانت غزوة بني قينقاع، وذلك أن هؤلاء ينصاعوا للعهد الذي أبرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ومع أمثالهم، بني قريظة وبني النضير، وقد تفاقم الأمر بعد رجوعه من بدر، وبلغت الأمور أوجها حين قدمت امرأة من المسلمين إلى سوق بني قينقاع، فبادر أحدهم إليها وكشف عنها إزارها، فصرخت فبادر رجل مسلم إلى الفاعل وقتله، فاجتمعت بنو قينقاع على الرجل المسلم فقتلوه، معلنين بذلك نقض العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم.
وبعد هذا سارع الرسول إلى التوجه إلى حصون بني قينقاع، وحاصرهم زهاء أسبوعين، لينزلوا على حكمه، فأمر بإجلائهم فغادروا المدينة، ويقال إنهم نزلوا أذرعات بالشام.
غزوة أحد
وفي الخامس عشر من شهر شوال من االسنة الثالثة للهجرة، كانت غزوة أحد، وذلك أنه بعد ما أصاب قريشا في غزوة بدر مما قدمنا في الكلام على هذه الغزة ضمن أحداث رمضان، اتفقت قريش بقيادة أبي سفيان بن حرب على أن تخصص أموال العير التي نجت من المسلمين ـ والتي كانت سببا في وقعة بدر ـ للاستعانة على حرب محمد وأصحابه، فلما كان شهر شوال من السنة الثانية خرجت قريش في جيش قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، في أكمل عدة، وخرجوا بالنساء للحيلولة دون الفرار، ثم نزلوا بجبل أحد، قرب المدينة، فدار نقاش بين المسلمين بالمدينة، فمنهم من يرى الخروج إلى العدو لإرهابه وإظهار القوة أمامه، ومنهم من يرى أن يتركوا العدو حتى يدخل عليهم المدينة ليتحصنوا بها في القتال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يميل إلى الرأي الأخير، ولكن مع حماس أكثر المسلمين للقاء عدوهم قبل صلى الله عليه وسلم الرأي الأول ولبس درعه واستعد للخروج، وعندها رأى أصحاب هذا الرأي أنهم أكرهوا النبي على الخروج، فأبدوا سرورهم بالبقاء داخل المدينة ولكنه صلى الله عليه وسلم قال: إنه لا ينبغي له أن يتراجع بعد أن لبس لامة الحرب.
كان ممن يدعو إلى البقاء في المدينة المنافق عبد الله بن أبي بن سلول الذي رجع عن المسلمين بعد خروجهم مغاضبا، وقال: أطاعهم وعصاني، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رجع بثلث الجيش، وهنا كادت الفوضى تدب في صفوف جيش المسلمين لولا حسن تدبير النبي صلى الله عليه وسلم وحكمته الفائقة.
وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان المعركة ومعه سبع مائة مقاتل، فبدأ في ترتيب أمور المعركة، وكان من ذلك أنه عين عبد الله بن جبير على رأس خمسين من الرماة، وأمرهم بلزوم أماكنهم في جبل أحد، لحماية ظهور المسلمين، وحذرهم من أن يبرحوا أماكنهم دون إذنه، والتقى الفريقان وبدأت المعركة، فلم يطل الوقت حتى هزم المشركون بعد مقتل أحد عشر مقاتلا من حملة لوائهم الواحد تلو الآخر، وفي وقت وجيز.
ولما رأى الرماة انتصار المسلمين وهزيمة قريش، رأوا ـ باستثناء قائدهم وعشرة معه ـ أنه لم تعد هناك حاجة للثبات في أماكنهم، فقرروا النزول لينالوا نصيبا من الغنائم، فوجدها خالد بن الوليد ـ الذي كان على خيل قريش ـ فرصة للانقضاض على المسلمين من الخلف، فاستشهد جميع الرماة الذين بقوا على الجبل، وفاجأت خيل خالد المسلمين من خلفهم، وتزامن ذلك مع إذاعة خبر مفاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل، فطفقت صفوفهم تتزعزع، فكانت النتيجة أن استشهد سبعون رجلا من المسلمين وجرح كثيرون، وقتل أربعة وعشرون من المشركين.
ورغم خسائر المسلمين الباهظة، فإنه يبدو أن معركة أحد لم تأت بالنتيجة التي كانت قريش تسعى إلى تحقيقها، حيث لم يقدروا على تتبع المسلمين، كما أنهم لم يقضوا على قدراتهم ولم يرهبوهم ولعل غزوة حمراء الأسد أقوى دليل على ذلك.
غزوة حمراء الأسد
وفي صبيحة اليوم الموالي لأحد، أي السادس عشر من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة، كانت غزوة حمراء الأسد، وكان هدفها رد الاعتبار لجيش المسلمين، والرفع من معنوياته، وإرهاب الأعداء، وإخبارهم أن خسائر معركة أحد لم تؤثر على قوة المسلمين وقدراتهم.
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجال الذين رجعوا معه إلى المدينة من أحد أنفسهم، باستثناء جابر بن عبد الله الذي خلف أباه يوم أحد على القيام بشؤون أخواته، فنزل جيش المسلمين حمراء الأسد، وأقام هناك ثلاثة أيام كانت كافية لإظهار قوتهم وبث الرعب في جيش قريش الذي رأى قادته إنهم لم يحققوا نتيجة من معركة أحد، فكانوا يخططون للرجوع إلى المدينة، ثم رجع المسلمون إلى المدينة بعد أن حققوا هدفهم من غزوة حمراء الأسد.
غزوة الخندق
وفي شوال من سنة خمس للهجرة، كانت خزوة الخندق، وتسمى أيضا غزوة الأحزاب، وسببها المباشر ـ إضافة إلى عداء قريش وسائر قبائل العرب للإسلام ـ أن بني النضير قاموا بمحاولة لاختيال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطردهم من المدينة، فراموا الانتقام، وأخذوا يؤلبون القبائل العربية، وينسقون بينها، ونجحوا في تشكيل تحالف لعدد من القبائل العربية، لغزو المدينة، ويتألف هذا التحالف من قريش التي تقوده، وغطفان وبنو سليم وبنو أسد وبنو كنانة، وقد انضم إليهم بنو قريظة لاحقا، لتغزو هذه القبائل المدينة في جيش جرار بلغ عشرة آلاف مقاتل.
لما وصل خبر مسير الأحزاب إلى المدينة استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فأشار إليه سلمان رضي الله عنه بأن يعمل خندقا دون العدو، فلما وصلت جيوش العدو إلى المدينة تفاجأت بالخندق الذي يحول بينهم وبين دخول المدينة، وهو أمر جديد على العرب، لم تألفه في حروبها، فلم يستطع المشركون دخول المدينة ولم أمامهم إلا حصارها الذي استمر عدة أسابيع، تخللتها بعض المناوشات.
بعد أسابيع من الحصار وبعض المناوشات تضافرت عدة عوامل كانت كفيلة بإنهاء الأزمة دون أن يحقق الأحزاب أي نتيجة من هذه الغزوة، وذلك أن طول الحصار أنهك الأحزاب وبدأ حالهم يتدهور إذ طفق زادهم ينفد، ومطاياهم تتأثر من طول الحصار، وهنا جاء الصحابي الجليل نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلن إسلامه وطلب من رسول الله أن يأذن له في التقول ليخذل عن المسلمين، فأذن له، وسعى بين بني قريظة من جهة، وقريش وغطفان من جهة أخرى، حتى أصبح كل فريق يشك في الآخر ولم يعودوا يثقون في بعضهم البعض.
وتزامن كل هذا مع هبوب ريح لا يقوى أمامها شيئ أيد بها الله نبيه، إذ لم تدع للعدو بناء إلا اقتلعته ولا قدرا إلا كفأتها، كل ذلك جعل قادة الأحزاب يرون أنه لم يعد أمامهم إلا الانسحاب، فكانت نتيجة هذه الغزوة لصالح المسلمين حيث خبأ حماس المشركين بعد فشلهم في تحقيق نتيجة من غزو المدينة بعشرة آلاف مقاتل وبتحالف أغلب القبائل العربية في المنطقة، الأمر الذي يعز أن يتكرر، كما أسهمت الغزوة في الرفع من معنويات المسلمين حين استطاعوا الصمود أمام هذه القوة الهائلة.
سرية كرز بن جابر في إثر العرنيين
وفي شوال من سنة ست للهجرة، كانت سرية كرز بن جابر، وسببها أن ثمانية رهط من عرينة، جاؤوا إلى المدينة وأسلموا، وقالوا إنهم أهل بدو لا يطيقون حياة المدينة، فمكنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من لقاح له، وأرسل معهم راعيا، ليتمتعوا بلبانها خارج المدينة، فعدوا على الراعي فقتلوه وسملوا عينيه، واستاقوا اللقاح، فبعث الرسول على إثرهم فرسانا يقودهم كرز بن جابر الفهري، فأدركوهم وأنقذوا اللقاح، وتم القصاص من العرنيين، إذ فعل بهم مثل ما فعلوا بالراعي، ومعلوم أن كرزا قائد السرية، هو من سبق وأن نهب سرح المدينة قبل إسلامه، وقد أشرنا إلى ذلك سابقا في حديثنا عن أسباب غزوة بدر وخروج الأنصار، وذلك ضمن كلامنا عن أحداث رمضان.
غزوة حنين
وفي شوال من السنة الثامنة للهجرة كانت غزوة حنين، وذلك أنه لما تم فتح مكة بعشرة آلاف مقاتل، وازدادت بمقاتلي قريش، علم أغلب قبائل المنطقة أنه لا قبل لهم باعتراض طريق الإسلام، وطفقوا يستسلمون للأمر الواقع، غير أن قبيلتي هوازن وثقيف القويتان لم تركنا لذلك، وبدؤوا يتجهزون لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ رأتا أنهما وجهته المقبلة.
كانت غزو هوازن أولا، حين اجتمعت منهم جيوش هائلة وأخذت تستعد لحرب المسلمين، فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألف مقاتل، والتقى الفريقان بواد يسمى أوطاس، فكانت الغلبة في البداية لهوازن، إذ انكشف المسلمون في بداية المعركة، غير أن ثبات النبي صلى الله عليه وسلم وعدد من الصحابة، جعل المسلمين المنكشفين يكرون من جديد ويستميتون في القتال حتى انهزمت هوازن، وتفرقت إلى عدة فرق إحداها دخلت الطائف، فكانت مع ثقيف.
غزوة الطائف
وفي شوال من السنة الثامنة للهجرة أيضا كانت غزوة الطائف، وذلك أنه لما كانت ثقيف إحدى أكثر القبائل المجاورة لمكة قوة، وأشدها عداء للإسلام، وبعد لجوء بعض فلول هوازن إلى الطائف، اتجه النبي صلى الله عليه وسلم من أوطاس حيث معركته مع هوازن، إلى الطائف وحاصرها، زهاء نصف شهر، ليفك الحصار بعد أن رآه غير مجد بفعل قوة حصون ثقيف وتوفر المواد الغذائية عندهم، وقد أسلمت ثقيف بيعد ذلك.
وفاة أمنا سودة بنت زمعة
وفي شوال من سنة أربع وخمسين للهجرة توفيت أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس العامرية، وكانت سودة تحت ابن عمها السكران بن عمرو وكانت هي وزوجها من السابقين إلى الإسلام، وهاجرا إلى الحبشة، ثم توفي زوجها السكران فعرضتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم صديقتها خولة السلمية، فخطبها وتزوجها، وكانت أول امرأة يتزوجها بعد وفاة أمنا خديجة رضي الله عنها، وذلك في السنة العاشرة من البعثة.
ولما كبرت سودة بنت زمعة طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يطلقها، مؤكدة له أنه في حل من شأنها، وأنها أعطت ليلتها لأمنا عائشة ولا تريد منه صلى الله عليه وسلم ما يريد النساء، وإنما تبغي أن تحشر يوم القيامة في زمرة أزواجه صلى الله عليه وسلم، وفي شأنها نزل قوله عز وجل: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير) الآية.