من أبرز الأحداث السيرية التي وقعت في جمادى الآخرة
جمادى الآخرة وجمادى الأولى، والمعروفتان بجماديين، هما وحدهما المؤنثتان من الشهور العربية،
وقد شهد الشهران أحداثا هامة عبر التاريخ، وفي ما يلي نذكر أبرز ما جرى في جمادى الآخرة من تلك الأحداث، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
مولد فاطمة الزهراء
في جمادى الآخرة من السنة الخامسة قبل البعثة، ولدت فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، من أمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، والتي يلتقي نسبها ونسب النبي صلى الله عليه وسلم عند جدهما قصي بن كلاب، وقد أورد ذلك العالم السيري غالي ولد المختار فال البصادي في نظم الزوجات، إذ يقول:
وأمنا خديجة من أسد
سبط قصي ذي العلا والسؤدد
بنت خويلد أبي الغر الكرام
آل الزبير وحكيم بن حزام
يجمعها مع ذؤابة لؤي
جدهما القرم المجمع قصي
وكانت خديجة أول زوجة للرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها في حياتها، رضي الله عنها، ولم يُرزق الذرية من غيرها، غير إبراهيم الذي كان من سريته مارية القبطية.
وقد أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة حبا ما أحبه أحدا، وقد روي عنه قوله: صلى الله عليه وسلم: "إنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما ءاذاها" وهي من أفضل النساء وقد اختلف هل الأفضل هي أم أمها خديجة أم عائشة أم المؤمنين، والأشهر أنها الأفضل، وحتى من مريم بنت عمران، كما ساق السيوطي في الكوكب، حيث يقول:
وأفضل الأزواج بالتحقيق
خديجة مع ابنة الصديق
وفيهما ثالثها والوقف وفي
عائشة وابنته الخلف قفي
والمرتضى تَقدُّم الزهراء
بل وعلى مريم العذراء
تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه فاطمة الزهراء في شهر ذي القعدة من ثاني أعوام الهجرة النبوية، وأنجبت منه الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، وكانت فاطمة رضي الله عنها، دينة صابرة صينة خيرة قانعة شاكرة لله تعالى، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها لما مرض مرض موته: "إني مقبوض في مرضي هذا" فبكت، رضي الله عنها، فأخبرها بأنها أول أهله لحوقا به وأنها سيدة نساء أمته فضحكت، وكتمت ذلك فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، سألتها عائشة رضي الله عنهما فحدثتها بما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم توفيت بعده بستة أشهر على الأرجح، كما ساق صاحب الأرجوزة الميئية في ذكر حال أشرف البرية، عند كلامه على أولاد الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال:
والكل في حياته ذاقوا الحمام
وبعده فاطمة بنصف عام
سرية زيد بن حارثة إلى القردة
وفي جمادى الآخرة من السنة الهجرية الثالثة، جاءت سرية سرية زيد بن حارثة إلى القردة، وحاصل الأمر أنه لما كانت وقعة بدر الكبرى لم تعد قريش تأمن الطريق التي كانت تسلكها في قوافلها إلى الشام، خاصة أن المسلمين لهم نشاط في الساحل، وأهل الساحل، قد عاهدوهم ودخل عامتهم معهم، مع أن المسلمين يردون على مشركي قريش بمحاربتهم اقتصاديا، بعد أن أخرجوهم من ديارهم، واستولوا على أموالهم، إلا أن قريشا لا غنى لها عن تسيير القوافل، لأن حياتهم بمكة على التجارة.
فتشاور قادة قريش في الأمر، واتفقوا - وبرأي من الأسود بن المطلب الأسدي - على أن يتخذوا طريقا جديدة من جهة العراق، وبعد أن استأجروا فرات بن حيان ليدلهم على الطريق الجديد، خرجت مع تلك الطريق عير لهم من مكة، محملة بأموال كثيرة باتجاه الشام، فيها بعض قادة قريش ومن بينهم: عبد الله بن أبي ربيعة، وصفوان بن أمية، وأبو سفيان بن حرب، وحويطب بن عبد العزى
وكان نعيم بن مسعود الأشجعي يشرب خمرا مع سليط بن نعمان، ولما ينزل تحريم الخمر حينها، وعندما أخذت الخمر من نعيم أخبر سليطا خبر العير، فبعث النبي النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على رأس مائة من أصحابه رضوان الله عليهم، وهي أول سرية يخرج فيها زيد بن حارثة أميرا، وكان زيد بن حارثة من السابقين إلى الإسلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوليه ثقة خاصة، فهو أكثر الصحابة رضوان الله عليهم رئاسة للسرايا والبعوث.
ويرجع نسب زيد بن حارثة إلى كلب بن وبرة، وقد خطفه بعض لصوص العرب وهو صغير، وباعوه كأحد العبيد، وتدوول حتى اشتراه حكيم بن حزام بن خويلد، و وهبه لعمته خديجة بنت خويلد، والتي وهبته لرسول الله فأعتقه ثم تبناه، حتى دعي زيد بن محمد، إلى أن نزلت (ادعوهم لآبائهم).
وقد اشتاق حارثة بن شرحبيل إلى ابنه زيد وحن له، وأفنى دهرا طويلا في البحث عنه، وترجم ذلك في قطعته المشهورة، وهي:
بكيت على زيد ولم أَدر ما فعلْ
أَحي فيرجى أم أتى دونه الأَجلْ
فو الله ما أدري وإن كنت سائلا
أغالك سهل الأرض أم غالك الجبلْ
فياليت شعري هل لك الدهر رجعة
فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجلْ
تذكّرنيه الشمس عند طلوعها
وتعرض ذكراه إذا قارب الطفلْ
وإن هبّت الأرواح هيّجن ذكره
فياطول ما حزني عليه ويا وجلْ
سأُعمل نص العيس في الأرض جاهدا
ولا أسأَم التطواف أو تسأم الإبلْ
حباتي أو تأتي علي منيتي
وكل امـرىء فـان وإن غرَّه الأمل
سأوصي به قيسا وعمرا كليهما
وأوصي يزيدا ثم من بعده جـبلْ
ثم إن حارثة عثر على ابنه زيد بعد أن آل أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فيه، فعرض عليه رسول الله أن يخير زيدا بين البقاء معه أي مع رسول الله، وبين الذهاب مع أبيه، فقبل الأب، واختار زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أسلم حارثة بن شرحبيل، وابنه زيد، وابن زيد أسامة، وابن أسامة محمد، ولا تُعرف هذه إلا لبيت زيد ابن حارثة، وأبي قحافة، وعمرو بن الطفيل الدوسي، والسائب بن بن عبيد بن يزيد بن المطلب، وللعالم الجليل أحمدو بن عابدين:
أربعة صحابة على التوال
أربع مرات لآل ذي الخلال
وآل حارثة والدوسي
عمرو وآل السائب الفهري
التقت السرية مع عير قريش بموضع يسمى القردة، ففر جميع من كان في العير إلا دليلهم فرات، فقد تم أسره، وقدم زيد وأصحابه إلى المدينة بالعير والأسير الذي أعلن إسلامه، وقد أجاد العالم السيري كراي ولد أحمد يوره، في نظمه أحداث هذه السرية حين قال:
وعندما سُدّت طريق الشامي
على قريش ظل في احتشام
ملؤهم حتى ارتأوا سلوكا
نهج بعيد لم يكن مسلوكا
والأسدي الأسود بن مُطّلب
هو الذي عن أمره الرأي جُلب
فبعثوا صفوان في العير التي
أقدام أهلها جميعا زلت
فكان سالكا بهم طريقا
مجهولة مشرقا تشريقا
مبتعدا جدا عن المدينه
ونفر بها أقام دينه
لكن نُعيم المنتمي لأشجع
مع ابن نعمان سُليط الأشجعي
كانا بشرب ونعيم سكرا
وعيرهم قام بها مذكّرا
مفصِّلا لأمرها جميعا
فكان مفصحا به مذيعا
وحرمة الخمر إذًا لم تنزل
على النبي المصطفى في الأزل
فأخبر النبيَّ ذاك الخبرا
سليطُ من في الصدق لن يعبرا
فأمَّر الحِب أبا الحِب على
قاف من الصحب الأُلى حازوا العلى
فباغتوهم في مياه نجد
وحذر من قدر لا يجدي
ففر أهل العير أجمعينا
إلا الدليل الماهر المعينا
أسر ثم أسلم الدليل
إن الجليل فضله جليل
سرية زيد بن حارثة إلى حسمى
وفي جمادى الآخرة من سنة ست للهجرة النبوية، كانت سرية زيد بن حارثة رضي الله عنه، إلى حِسْمى، وسبب هذه السرية أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الصحابي دحية بن خليفة الكلبي، رضي الله عنه، بكتاب إلى هرقل، فأكرم هرقل دحيةَ وأعطاه كسوة ومالا، فلما كان ببعض الطريق اعترضه بعض قبيلة جذام وأخذوا الكسوة والمال، فقدم المدينة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من إكرام قيصر إياه، وأمرِ اعتداء جذام عليه، فأمّر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة رضي الله عنه على 500 من أصحابه، ومعهم دحية، رضي الله عن الجميع.
وقد عقد العالم الجليل كراي ولد أحمد يوره منثور ما تقدم، في نظم السرايا، فقال:
ثم إلى حِسمى بكسر الحاء
سرية جاءت على وحاء
من عام ست في جمادى الآخر
كما روينا عن ذوي المفاخر
وذاك أن المصطفى النبيا
بعث دحية الفتى الكلبيا
إلى هرقل بكتاب وخبر
ذاك فشا عن كل فاجر وبر
وقد أجاز دحيةً بمال
وكسوة في غاية الجمال
لكن جذام اعتدوا عليه
وأخذوا جميع ما لديه
فبادر الشكوى إلى النبي
ولم يكن دحية بالغبي
فانطلق زيد بن حارثة نحو حسمى، حيث اعتُدي على دحية، وأخذ دليلا من بني عذرة، فكانت السرية تسير بالليل وتكمن بالنهار، حتى هاجمت بني جذام صبحا، وقد حققت انتصارا باهرا، وغنمت غنائم كثيرة.
وكان زيد بن رفاعة الجذامي قد أسلم مع بعض قومه قبل ذلك، فلما حصلت هذه الحادثة وفد في نفر من قومه إلى النبي اللّٰه صلى اللّٰه عليه وسلم، ودفع إليه كتابه الذي كان كتب له ولقومه حين أسلموا، فبعث النبي معهم عليّا إلى زيد بن حارثة، يأمره أن يخلي بينهم وبين حرمهم وأموالهم، ففعل، وهذا ما أشار إليه في نظم السرايا ضمن كلامه على هذه السرية، بقوله:
لكن زيد بن رفاعة استرد
ذاك لأنه عن الظلم شرد
وذا الفتى من قبل ذاك أسلما
ونصر المظلوم لا من ظلما
أسلم معْ جماعة من قومه
كلهمُ منتبه من نومه
وقدَّموا بذلك احتجاجا
وذاك عند الهاشمي راجا
فرُدت النساء والأموال
إليهمُ وهكذا النوال
سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل
وفي جمادى الآخرة من سنة ثمان للهجرة النبوية كانت سرية عمرو بن العاص، رضي الله عنه، إلى ذات السلاسل، وحاصل هذه السرية أن عيون المدينة جاءت بما يفيد أن بعض قبائل الأعراب - وخاصة قضاعة - تستعد للحشد ضد المسلمين، فجهز الرسول عليه الصلاة والسلام، سرية قوامها 300 رجل، وأمّر عليها عمرو بن العاص، وأمره بالانطلاق إليهم ليوجه لهم ضربة استباقية، إن هم لم يتراجعوا عن نيتهم، كما أن من أهداف السرية أيضا، تأديبَ بعض قبائل الأعراب التي شاركت في معركة مؤتة إلى جانب هرقل، وكانت السرية بعد واقعة مؤتة بنحو شهر، وكذلك من أهداف السرية أيضا دعوةُ هذه القبائل إلى الإسلام، وعقد المعاهدات مع بعضها.
انطلقت السرية إلى حيث أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يسيرون ليلا ويكمنون نهارا، كما هو عادة السرايا آن ذاك، وللعالم الجليل غالي ولد المختار ذاكرا سبب تسمية هذه السرية بسرية ذات السلاسل:
فعمرا الداهي إلى قضاعة
وعدُّ جيشه ثلاثُ مائة
وعقد النبي له لواء
ملهقا وراية سمراء
هذي السرية لديهم تدعى
ذات السلاسل لأن الجمعا
لما أتى السلسل من أرض جذام
أقام فاستمد أكرم الأنام
فلما كانوا ببعض الطريق علموا أن الأعداء يستعدون للقائهم في جموع كثيرة لا قبل لهم بها، فأرسل عمرو بن العاص رافع بن مُكَيث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطلبه المدد، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح يقود 200 من خيرة أصحابه صلى الله عليه وسلم، ومن ضمنهم أبوبكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وغيرهما من أفاضل الصحابة، ثم أمر الرسول أبا عبيدة بأن لا يختلف مع عمرو، وهذا ما عقد العالم الجليل كراي ولد أحمد يوره منثوره بقوله:
وعندما كثرت القبائل
وخيف من كيودها الحبائل
أرسل عمرو للنبي رافعا
نجل مُكَيث يستمد الشافعا
ثم أمدّهم شفيع الكون
بمائتين أُرسلوا للعون
فيهم أبو عبيدة المؤمر
فيهم أبو بكر وفيهم عمر
أمرهم أن يلحقوا بعمرو
طه وأن يتفقوا في الأمر
وبعد أن وصل المدد، وبلغت السرية 500 رجل، تقدم بهم عمرو إلى أن دخلوا أرض العدو فهاجموهم فجرا، وقد رام الأعداء مقاومة السرية أولا، إلا أنهم سرعان ما ولوا هاربين وتفرقوا، عندما علموا أن لا طاقة لهم بالتصدي لهذه السرية، وقد حقق عمرو وأصحابه انتصارا باهرا، إذ أسلم على أيديهم خلق كثير، كما ردوا إلى الإسلام هيبته في تلك المنطقة، وأرجعوا القبائل التي كانت حالفت المسلمين سابقا إلى التحالف معهم من جديد، بعد أن نكلت، وعقدوا تحالفاتٍ جديدةً مع قبائلَ أخرى، كما غنموا غنائمَ كثيرة.
وكان أبو عبيدة رضي الله عنه، لما قدم بالمدد على عمرو، هم بأن يؤم الجند في الصلاة، لكن عمرا اعترض على ذلك، قائلا: "إنما قدمت عليّ مددًا، وأنا الأمير" وكان أبو عبيدة يرى أن كليهما أمير على من بعثه النبي صلى وسلم معه، ولكنه تذكر وصية الرسول بأن لا يختلفا، فترك الإمامة لعمرو، وقال" إنك إن عصيتني أطعتك".
وإلى هذه الحادثة أشار غالي ولد المختار فال البصادي بقوله في نظم البعوث:
فقال عمرو إذ أتاه المدد
فإنما على الجميع لي اليد
قال له بل كلنا كانت له
على الذي به النبي أرسله
ثم أبى عمرو فأعطاه الرسن
أبو عبيدة الوجيه المؤتمن
بيعة أبي بكر الصديق
وفي جمادى الأخيرة من سنة إحدى عشرة تمت بيعة أبي بكر الصديق (عبد الله) بن أبي قحافة، رضي الله عنهما، وحاصل ذلك أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام شبه نزاع على الخلافة بين المهاجرين والأنصار، فقد اجتمع الأوس والخزرج في سقيفة بني ساعدة يناقشون أمر الخلافة، وأكثرهم يقدمون لها سعد بن عبادة رضي الله عنه، وحين راجعهم أبوبكر وعمر رضي الله عنهما في ذلك كان أحسنهم قولا من يقول: "منا أمير ومنكم أمير"، لكن سياسة أبي بكر وحكمته، وسابقته في الإسلام، وحسن بلائه فيه؛ أمور كانت كفيلة بحسم الأمر في ذات المجلس، ومبايعته خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان أبو بكر الصديق أفضل أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقربهم إليه، وثاني اثنين إذ هما في الغار، ولا تحصى مناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولمحمذن بن محنض بابه، ناظما بعض هذه المناقب، مشيرا إلى غَناء أبي بكر الصديق يوم وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم:
لو كان يتخذ غيرَ ذي الجلال
خليلا اتخذ طه ذا الخلال
وللعتيق في حديثِ فليصل
بالناس فخر لسواه ما حصل
وفي حديث الاقتداء باللذَيْن
من بعده مزية للعمرَيْن
كانا وزيريه في الارض بينما
جبريل مع ميكال كانا في السما
وكان يفتي الناسَ في عهد النبي
ناهيك من فخر بهذا المنصب
ومعه شهد كل مشهد
وهو قطعا خير صحب أحمد
والمصطفى إذ جاء بالصدق انتبه
لكل ما في الذكر جا صدّق به
قد ثبَّت القلوب عند الغمة
يوم المصاب بشفيع الأمة
وسكّن الفتنة في السقيفه
وساس الامر حبذا الخليفه وصحب النبي قبل البعثة
وبعدها أسلم قبل الأمة
ثانيه في دخوله للغار
واقيه ما في الغار من أخطار
فلما تمت البيعة لأبي بكر رضي لله عنه، جاء المسجد ثم خطب في الناس خطبته المشهورة، والتي منها: "أما بعد، أيها الناس! فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله".
وبخلافة أبي بكر الصديق رضي الله، تجنب الناس فتنة لا يمكن التنبؤ بعاقبتها، كما امتنع أبوبكر من التراجع عن تنفيذ أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشأن تسيير جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه إلى الشام، بعد أن دعي إلى التراجع عن ذلك، وإبدال أسامة بمن هو أكبر منه سنا... كما حارب أبو بكر مانعي الزكاة، وسار على نهج النبي، صلى الله عليه وسلم، حذو النعل بالنعل.