من أهم الأحداث السيرية التي وقعت في شهر ذي القعدة
شهر ذي القعدة هو أحد شهور السنة القمرية، وهو حادي عشر شهور السنة الهجرية، وأحد الأشهر الحرم المعروفة، وقد شهد ذو القعدة كثيرا من الأحداث المهمة على مر التاريخ، وسنقتصر هنا على أهم الأحداث التي وقعت في هذا الشهر خلال عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فمنها:
سرية سعد بن أبي وقاص إلى الخرار
ففي شهر ذي القعدة من أولى سنوات الهجرة النبوية، كانت سرية سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، إلى الخرار، فقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين من المهاجرين لاعتراض عير لقريش، أما لواؤهم فقد حمله المقداد بن عمرو، وكانوا خرجوا مشاة يكمنون نهارا ويسيرون ليلا، إلى أن بلغوا موضعا يسمى الخرار إذ أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ألا يجاوزو هذا الموضع، ولكنهم اكتشفوا أن العير فاتتهم، حيث مرت من هناك قبل وصولهم، فرجعوا إلى المدينة ولم يلقوا كيدا.
وقد عقد العالم الجليل كراي ولد أحمد يوره رحمه الله، منثور أحداث هذه السرية في نظمه للسرايا بقوله:
سرية الخرار في ذي القعدة
والسنة الأولى بها قد حدت
خرج عشرون من الأناصي
يقودهم نجل أبي وقاص
سعد الذي فداه طه بالأب
والأم يوم أحد نعم الأبي
يُنمى إلى زهرة أخوال النبي
في الخمر معنى لم يكن في العنب
وأخذ المقداد نجل عمرو
لواءها كفؤ له لعمري
قد كان يوزن بألف بطل
عوذا به من خطإ وخطل
يمشون بالليل ويكمنونا
نهارهم فهم مصممونا
فبلغوا الخرار بعد خمس
فوجدوا العير مضت بالأمس
غزوة بدر الموعد
وفي شهر ذي القعدة من رابعة سني الهجرة النبوية كانت غزوة بدر الموعد، وذلك أن أبا سفيان بن حرب لما هم بالانصراف يوم أحد نادى جموع المسلمين قائلا الموعد بيننا وبينكم بدر العام المقبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب، قل نعم إن شاء الله، ففعل عمر، وإلى نداء أبي سفيان هذا، وإخلافه الموعد أشار أحمد البدوي بقوله في نظم الغزوات:
واستشهد الأعرج عمرو بن الجموح
وعن حياة المصطفى أبا الفتوح
سأل صخرٌ وانثنى يغرد
موعدكم بدر وفال الموعد
ثم تفرق الفريقان على ذلك، فلما أن أطل الموعد كره أبو سفيان الخروج و قدم نعيم بن مسعود الأشجعي مكة، وكان داهية، فقال له أبو سفيان إني قد واعدت محمدا و أصحابه أن نلتقي ببدر و قد حضر وقت موعدنا، وهذا عام جدب وإنما يصلحنا عام خصب، وإني أكره أن يخرج محمد ولا أخرج فيجترئ علينا ونحن مستعدون أن نجعل لك عشرين فريضة يضمنها لك سهيل بن عمرو على أن تقدم المدينة فتخذل أصحاب محمد، فوافق نعيم على العرض، وحملوه على بعير فأسرع السير حتى قدم المدينة فأخبر المسلمين بجمع أبي سفيان لهم و ما معه من العدة و السلاح، فقال رسول الله صلی الله علیه وسلم والذي نفسي بيده لأخرجن و إن لم يخرج معي أحد، فنصر الله المسلمين و أذهب عنهم الرعب، ثم استخلف النبي صلی الله علیه و وسلم عبد الله بن رواحة رضي الله عنه، على المدينة، وحمل لواءهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف و خمسمائة مقاتل، وكان أبو سفيان بن حرب خرج من مكة في قريش و هم ألفان و معهم خمسون فرسا فساروا إلى أن انتهوا إلى موضع يسمى مجنة، وعندها أمرهم أبو سفيان بالرجوع قائلا ارجعوا فإنه لا يصلحنا إلا عام خصب غيداق نرعى فيه الشجر و نشرب فيه اللبن، و إن عامكم هذا عام جدب فإني راجع فارجعوا، وقد اختصر خلاصة هذه الغزوة في نظم الغزوات في بيت واحد، فقال:
ثم لميعاد بن حرب بدر
وكع عنها نحل حرب صخر
زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأم المومنين زينب بنت جحش
وفي شهر ذي القعدة من السنة الخمسة للهجرة كان زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية رضي الله عنها، وهي بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب.
كانت أم المؤمنين زينب بنت جحش إحدى السابقات إلى الإسلام، وهاجرت في من هاجر إلى المدينة، وتزوجت زيد بن حارثة مولى رسول الله ثم طلقها فاعتدت، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأمر من الله تعالى فكانت تفاخر غيرها من أمهات المؤمنين بهذا الزواج، يقول غالي ولد المختار فال في نظم أمهات المؤمنين:
فبنت جحش بنت عمة النبي
برة سماها النبي بزينب
من أسد وهي بعقد الله
نكاحها أزواجَه تباهي
كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبَنّى زيد بن حارثة وأصبح الناس يدعونه زيد بن محمد، فلما تزوج النبي من زينب؛ طليقة زيد، قال المنافقون ومن على شاكلتهم تزوج محمد امرأة ابنه فأنزل الله تعالى: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)
كما أنزل جل وعلا قوله: (فلمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا)
عُرفت زينب بنت جحش رضي الله عنها، بكثرة التصدق من عمل يدها، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مخاطبا أمهات المؤمنين "أسرعُكنَّ لحاقاً بي أطولكنَّ يداً" وهو كناية عن كثرة الصدقة، فكانت بنت جحش أولهن وفاة بعده صلى الله عليه وسلم، وقد توفيت رضي الله عنها سنة 20 للهجرة، عن عمر 53 سنة.
وإلى ما نزول القرآن في شأن زواجه صلى الله عليه وسلم من زينب؛ طليقة زيد، وإلى الحديث: (أسرعكن لحاقا...) وإلى تاريخ وفاتها أشار بقوله في قرة الأبصار:
وبنت جحش بنت عمة الرسول
زوجها الرحمان بارئ العقول
خير نبي إذ قضى منها الوطن
زيد وماتت في خلافة عمر
إذ فتحت مصر وكانت أطولا
نسائه يدا كما قد نُقلا
غزوة الحديبية
وفي شهر ذي القعدة من سادسة سني الهجرة النبوية كانت غزوة الحديبية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى في منامه أنه وأصحابه يدخلون المسجد الحرام معتمرين، فطفق يستعد للعمرة واستنفر من حول المدينة من قبائل العرب ليخرجوا معه معتمرين، حتى تعلم قريش أنه لا يريد حربا، فاستجاب لدعوته بعض الأعراب، في الوقت الذي تباطأ عنه آخرون.
ثم خرج صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين مستهل ذي القعدة من السنة السادسة وهو يقود
ألفا وأربعمائة من أصحابه ميممين مكة للعمرة، وقد حملوا معهم سلاحا خفيفا، توقعا لما قد تفاجئهم به قريش إن هم راموا دخول مكة، فلما بلغ الخبر قريشا أجمعوا أن يستمعلوا كل ما لديهم من قوة حتى يصدوه صلى الله عليه وسلم عن دخول المسجد الحرام.
ثم إن قريشا بعثت خالد بن الوليد في كتيبة تتألف من مائتي فارس، فرابطت الكتيبة بموضع يسمى كراع الغميم في الطريق إلى مكة، في محاولة لصد المسلمين عن دخول مكة، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيَّر طريقه تجنبا للاحتكاك مع جيش خالد بن الوليد.
وعندما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم قرب الحديبية بركت ناقته القصواء بأمر من الله جل وعلا، فقال بعض الصحابة قد خلأت الناقة، فقال صلى الله عليه وسلم: بل حبسها حابس الفيل، ثم دعا الناس للنزول، فشكى إليه الصحابة العطش، فانتزع من كنانته سهما، ثم أمرهم أن يجعلوه في قليب هناك قليل الماء، فما زال يفيض حتى صدروا عنه.
وقد حصلت في هذه الغزوة معجزة أخرى من هذا القبيل، حيث أصاب الناس يومئذ عطش، فأقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه ركوة يتوضأ منها، فسألهم قائلا مالكم قالوا يا رسول الله ليس عندنا ما نتوضأ به ولا ما نشرب إلا ما في ركوتك، فوضع صلى الله عليه وسلم يده في الركوة فطفق الماء يجيش من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربوا وتوضؤوا.
وإلى هاتين المعجزتين أشار العالم الجليل أحمد البدوي في نظم الغزوات حين قال:
ونزل الناس ولا ماء لهم
فاستنبطوا بالسهم ماء علهم
وعلهم أيضا بهذي الغزوة
ما كان من صبابة في ركوة
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم دخل في مفاوضات مع قريش التي بعثت إليه مفاوضين بغية صده عن دخول مكة، وكان أرسل إليهم خراش بن أمية الخزاعي، وبعده عثمان بن عفان، فاحتبست قريش عثمان حتى يبرموا أمرهم ويُقرِّروا ما سيفعلونه بشكل نهائي، فهم عازمون على أن يبذلوا جهودهم حتى لا يدخل عليهم المسلمون مكة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد لكل مفاوضيهم أنه لم يأت لقتال، وإنما جاء معتمرا.
وفي هذه الأثناء أشيع أن قريشا قتلت عثمان رضي الله عنه، وحينها دعا الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى بيعته على الصبر وعدم الفرار حتى الموت فبايعوه البيعة المعروفة ببيعة الرضوان، والتي نزل في شأنها قوله تعالى: (ل,لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)
ولم يتخلف عن هذه البيعة من الصحابة الحاضرين غير الجد بن قيس، وكان يرمى بالنفاق، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لما هم بالمسير إلى تبوك، إني امرؤ مولع بالنساء فأخاف إذا رأيت نساء بني الأصفر أن لا اصبر عنهن، فنزل قول الله تعالى: (وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلَا تَفْتِنِّي)
وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من الأنصار من هو سيدهم، فقالوا سيدنا الجد بن قيس على أننا نبخله، فقال صلى الله عليه وسلم: "وأي داء أدوى من البخل بل سيدكم الجعد الأبيض عمرو بن الجموح" وفي ذلك يقول شاعرهم:
وقال رسول الله والحق قوله
لمن قال منا من تسمون سيدا
فقالوا له الجد بن قيس على التي
نبُخِّله فيها وإن كان أسودا
فتى ما تخطى خطوة لدنية
ولا مد في يوم إلى سوءة يدا
فسود عمرو بن الجموح لجوده
وحق لعمرو بالندى أن يسودا
إذا جاءه السؤال أذهب ماله
وقال خذوه إنه عائد غدا
فلو كنت يا جد بن قيس على التي
على مثلها عمرو لكنت مسودا
كان سهيل بن عمرو آخر مفاوضي قريش، وقد خولوه الحديث باسمهم، وأن يبرم الصلح مع النبي صلى الله عليه وسلم كيفما شاء، إلا ما يفضي إلى دخول المسلمين مكة، فهو خط أحمر.
وبعد مفاوضات مستفيضة خلص الطرفان إلى إبرام الاتفاق على النحو التالي:
- وضع الحرب بينهما مدة عشر سنين.
- أن يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا على أن يأتي في العام المقبل فلا يقيم بمكة أكثر من ثلاثة أيام.
- كل من جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم من غير إذنِ وليه من قريش رده إليهم، على أن من جاء من المسلمين إلى قريش لن يرد عليهم.
- من رأى الدخول في حلف أي من الفريقين دخل فيه، مع أن القبيلة التي تنضم لأي طرف تعتبر جزءا منه، وأي اعتداء عليها هو عدوان على هذا الطرف، فكانت خزاعة ممن دخل في حلف النبي صلى الله عليه وسلم، بينما دخلت بكر في حلف قريش، وتمت كتابة الصلح، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحر هديه ونحر الصحابة هديهم، وتحللوا من العمرة وحلقوا شعورهم.
وكان في ظاهر هذه الشروط إجحاف بالمسلمين وفي باطنها نصر، ومن فوائد هذا الصلح التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم وخفيت على غيره:
- حفظ المستضعفين من المسلمين، الذين يعيشون بين مشركي قريش في مكة وحقن دمائهم.
- إسلام كثير من كفار قريش خلال هذه الهدنة، لمجيئهم إلى المدينة واختلاطهم بالمسلمين، واطلاعهم على الإسلام عن قرب.
- أن من أسلم وهاجر إلى المدينة لن يقبل العودة إلى مكة والإقامة بين مشركيها من جديد، ولعل قصة أبي بصير وابي جندل بن سهيل بن عمرو خير دليل على ذلك.
وقد رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بنود هذا الصلح غلظا وإجحافا بالمسلمين، فخرج حتى أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبا بكر رضي الله عنه، فدار بينه مع كليهما ما نظمه العالم الجليل محمذن بن محنض بابه في "قرة العينين على غزوات سيد الكونين" حين قال:
وعمر من شدة الإيمان
سأل أفضلَ الورى العدنان
عن وجه هذا الصلح معْ كون النبي
هو رسولُ الله دون كذب
وهم على الحق وفي الجنان
قتلاهم من كرم المنان
وأين ذا من مقتضى الرؤيا التي
بالصدق والإعجاز قد تحلت
رؤيا دخول المسجد الحرام
إلى تمام رائق الكلام
والصادق المصدوق صدق عمر
رضي عنه الله في الذي ذكر
مؤكدا أيضا له أن الدخول
سوف يكون دون ريب ذا حصول
لأنه أطلقَ في الكلام
ولم يقيده بهذا العام
فاقتنع الفاروق بالجواب
وسؤله لم يك لارتياب
وعلمه بعلم ذي الحلال
وفضله أداه للسؤال
له عن الأسئلة التي أجاب
فيها بمثل ما أجابه المجاب
وقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، بالحديبية ما بين عشرة إلى عشرين يوما، ثم آبوا إلى المدينة بعد أن اعتمروا، وفي طريق الأوبة نزلت سورة الفتح، لتؤكد حكمة الخطوات التي قيم بها في شأن الصلح وإصابتها.
عمرة القضاء
وفي شهر ذي القعدة من سنة سبع من الهجرة النبوية كانت عمرة القضاء، وقد اختلف في سبب تسميتها بهذا الاسم؛ فقيل لأنه صلى الله عليه وسلم قاضى قريشا أيام الحديبية، وعليه فالمراد بالقضاء الفصل الذي وقع عليه الحكم، لا لأن هذه العمرة قضاء عن العمرة التي صُد عنها، لأن تلك لم تكن فسدت حتى يجب قضاؤها وإنما كانت عمرة تامة، وقيل إن من صُد عن البيت فعليه القضاء، فسميت عمرة القضاء.
وحاصل عمرة القضاء أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج في ذي القعدة من السنة السابعة يؤم مكة وقد استعمل على المدينة عويف بن الأضبط الديلي، وخرج معه ألفا رجل يسوقون ستين بدنة، ومعهم السلاح تحسبا لغدر قد يحصل من أهل مكة، فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه، وتحدثت قريش بينها أن محمدا في عسر وجهد فصفوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلما دخل اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى، وقال رحم الله امرءا أراهم اليوم من نفسه قوة، ثم استلم الركن اليماني، ومشى حتى استلم الركن الأسود ثم هرول كذلك ثلاثة أشواط والمسلمون يطوفون معه في كلها.
وكان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما دخل مكة عبد الله بن رواحة آخذا بخطام ناقته، وقريش ينظرون، وابن رواحة ينشد رجزا منه:
خلوا بني الكفار عن سبيله
خلوا فكل الخير في رسوله
ثم سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على راحلته، وبعد فراغه نحر هديه عند المروة، وحلق رأسه هناك، ثم أصدر أوامره لمائتين من أصحابه أن يذهبوا إلى من كانوا يقيمون على السلاح ببطن يأجج ليقيموا مكانهم حتى يقضوا نسكهم، ففعلوا، وأقام صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثة أيام كما هو مثبت في شروط صلح الحديبية، فلما كان اليوم الرابع جاءه سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى يناشدانه العهد إلا ما خرج من مكة، ثم أمر بالرحيل.