أهم الأحداث السيرية التي وقعت في شهر شوال
شهر شوال هو أحد الشهور القمرية المعروفة، وهو عاشر شهور السنة الهجرية، وقد شهد شهر شوال على مر العصور أحداثا هامة كثيرة، وسنذكر في هذه السطور أهم الأحداث التي وقعت في هذا الشهر خلال عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمنها:
زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأمنا عائشة.
ففي السنة العاشرة بعد البعثة عقد النبي صلى الله عليه وسلم على أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وذلك بعد وفاة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
كان أبوها أبوبكر الصديق بن أبي قحافة القرشي التيمي، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأول خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفيقه في الهجرة... ومناقبه أكثر من أن تحصى، وأمها أم رومان بنت عامر الكنانية، ومن مناقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنه ما نزل الوحي في لحاف امرأة إلا هي، وكانت من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نزلت براءتها في القرآن الكريم، وكانت من أفقه النساء، وأغزرهن علما، وأكثرهن ضبطا، فأكثرت من رواية الحديث، فكان كبار الصحابة يستفتونها ويرجعون إلى قولها، رضي الله عنها، كما كانت من أعلم الناس بالطب وباللغة، وأكثرهم حفظا للشعر، وللقاضي محمذن ولد محنض بابه، معددا بعض فضائلها، في نظمه؛ قرة العينين:
وفضلها على النساء كالثريد
على الطعام راجع القول الفريد
من فضلها للمصطفى يوحى في
لحافها أكرم بذا اللحاف
أحب محبوب النساء والرجال
إليه هي وأبوها ذو الخلال
أرسل جبريل إليها بالسلام
كما البخاري روى مع السلام
سعة علمها في الاشتهار
كا الشمس في رابعة النهار
كبار صحب المصطفى تأتيها
في المشكل المعضل تستفتيها
وعلمها بالطب ذو إشعار
بذاك كاللغة والأشعار
قد برئت في محكم القرآن
تبرئة تتلى بكل آن
سرية عبيدة بن الحارث إلى رابغ
وفي شوال من السنة الأولى للهجرة، كانت سرية رابغ وهي ثاني سرية حيث جاءت قبلها سرية سيف البحر التي مر الحديث عنها في أحداث رمضان، وقيل إن سرية رابغ هذه هي أول سرية، وقد تختلف ظروف هذه السرايا وأسبابها، إلا أن الهدف واحد، وهو بسط تعاليم الإسلام.
فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبيدة بن الحارث بن المطلب في ستين من المهاجرين لاعتراض عير لقريش يقودها أبو سفيان بن حرب، فخرج عبيدة وأصحابه، وساروا حتى بلغوا موضعا يسمى بطن رابغ، حيث صادفوا العير هناك، ولم يحدث بين الفريقين قتال، إلا ما كان من ترام بالنبال، دون مواجهة مباشرة، وقد كان رمي أول سهم في سبيل الله حصل في هذه السرية، من طرف سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، ورجع عبيدة وأصحابه إلى المدينة دون أن يصيبهم أذى.
وللعالم الجليل غالي ولد المختار فال البصادي، من نظمه تبصرة المحتاج إلى بعوث صاحب المعراج، ناظما أحداث هذه السرية باختصار غير مخل:
أول من بعثه النبي
عبيدة بن الحارث البدري
مرجعه من غزوة الأبواء
صلى عليه رافع السماء
وجيشه ستون أو يزيد
عشرين كل فاضل مجيد
أول سهم قد أصاب عاص
سهم رماه بن أبي وقاص
يومئذ وقد رمى سهاما
مصيبة فيا لذا إكراما
وقد حققت سرية رابغ الهدف الذي خرجت من أجله؛ حيث تلقت قريش رسالة تفيد أن المسلمين لن يتخلوا عن حقوقهم التي سلبتها منهم قريش، وأنهم أي المسلمون قادرون على غزو الأعداء وعلى رد صولتهم، كما كان من أهداف هذه السرية جمع المعلومات عن الأعداء والاطلاع على طبيعة الأرض لتحديد طرقها وأمكنة الآبار فيها، إلى غير ذلك مما يهم مثلهم ممن يخطط لإقامة دولة جديدة.
إجلاء بني قينقاع
وفي شهر شوال من ثانية سني الهجرة النبوية، كانت غزوة بني قينقاع، وهم قوم الصحابي الجليل عبد الله بن سلام، وحاصل الأمر أن هؤلاء لم ينصاعوا للعهد الذي أبرمه معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع قومهم؛ بني قريظة وبني النضير، وقد تفاقم الأمر بعد رجوعه صلى الله عليه وسلم من معركة بدر، لتبلغ الأمور أوجها حين قدمت امرأة من المسلمين إلى سوق بني قينقاع، فبادر أحدهم إليها وكشف عنها إزارها، فصرخت فبادر رجل مسلم إلى الفاعل وقتله، فاجتمعت بنو قينقاع على الرجل المسلم فقتلوه، معلنين بذلك نقض المعاهدة التي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم، ويشير العالم الجليل أحمد البدوي في نظم الغزوات، إلى ما تقدم بقوله:
فلسليم فلقينقاع
المتصدين إلى القراع
هم كشفوا إزارها عن مسلمه
فهاج حرب بينهم والمسلمه
ومنهم الشاهد عبد الله
نجل سلام العظيم الجاه
بعد هذه الحادثة سارع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التوجه إلى حصون بني قينقاع، فحاصرهم زهاء أسبوعين، لينزلوا على حكمه، وأمر بإجلائهم فغادروا المدينة، ويقال إنهم نزلوا أذرعات بالشام.
غزوة أحد
وفي الخامس عشر من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة النبوية، كانت غزوة أحد، وذلك أنه بعدما أصاب قريشا ما أصابها في غزوة بدر، مما قدمنا في الكلام عليها ضمن أحداث رمضان، اتفقت قريش بقيادة أبي سفيان بن حرب على أن تخصص أموال العير التي نجت من المسلمين أيام بدر ـ والتي كانت سببا في وقعة بدر ـ للاستعانة على حرب محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما كان شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة خرجت قريش في جيش قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، وفي أكمل عدة، حيث بلغ عدد الخيل في الجيش مائتين، وخرجوا معهم بالنساء للحيلولة دون الفرار.
وهذا ما أشار إليه في نظم الغزوات بقوله:
فأحد بربح عير صخر
آئبة من شامها بالكثر
وخرجوا بيه ظعن وهم
جيم ألوف والخيول لهم
راء وما للمسلمين فرس
وفي زروع طيبة احتسبوا
وقيل فيهم فرس تحت أبي
بردة الندب وأخرى للنبي
سار جيش قريش حتى نزل بجبل أحد، قرب المدينة، وهنا دار النقاش بين المسلمين بالمدينة، فمنهم من يرى أن يخرجوا إلى العدو لإرهابه وإظهار القوة أمامه، ومنهم من يرى أن ترك العدو حتى يدخل عليهم المدينة ليتحصنوا بها في القتال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يميل إلى الرأي الأخير، ولكن مع حماس أكثر المسلمين للقاء عدوهم قبل صلى الله عليه وسلم الرأي الأول ولبس درعه واستعد للخروج، وعندها رأى أصحاب هذا الرأي أنهم أكرهوا النبي على الخروج، فأبدوا رغبتهم في لبقاء داخل المدينة ولكنه صلى الله عليه وسلم قال: إنه لا ينبغي له أن يتراجع بعد أن لبس لامة الحرب.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم رأى في منامه رؤيا نظم نظم لنا أحمد البدوي محتواها وما تم به تعبيرها، حين قال:
وقد رأى في نومه خير الأمم
أن كان في ذباب سيفه ثلم
وأنه أدخل في درع يده
وبقر يذبح أيضا وجده
فالثلم العم وأما البقر
يذبح فهو النفر المعفر
من قومه ودرعه الحصينه
أدخل فيها يده المدينه
كان من بين من ينادي بالبقاء في المدينة المنافق عبد الله بن أبي بن سلول الذي رجع عن المسلمين بعد خروجهم مغاضبا، وقال: أطاعهم وعصاني (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) وقد رجع ابن أبي بثلث الجيش، وهنا كادت الفوضى تدب في صفوف جيش المسلمين لولا الحكمة الفائقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحسن تدبيره.
وافى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان المعركة ومعه 700 مقاتل، وطفق يرتب أمور المعركة، وكان من ذلك أنه عين عبد الله بن جبير على رأس خمسين من الرماة، وأمرهم بلزوم أماكنهم في جبل أحد، ليحموا ظهور المسلمين، وحذرهم من أن يبرحوا أماكنهم دون إذنه، مهما كانت الدواعي، والتقى الفريقان وبدأت المعركة، فلم يطل الوقت حتى هزم المشركون بعد مقتل أحد عشر مقاتلا من حملة لوائهم الواحد تلو الآخر، وفي وقت وجيز، حتى هاب الرجال حمله، فتلافته عمرة بنت علقمة الحارثية، فترفع الصحابة عن قتلها، وإلى هذا الموقف أشار العالم الجليل كراي ولد أحمد يوره، بقوله في نظم أصحاب اللواء من مشركي قريش يوم أحد:
وبقي اللواء في التراب
لشدة الطعان والضراب
فأخذته امرأة والعرب
لا تقتل النساء مهمى حاربوا
لما رأى الرماة انتصار المسلمين وهزيمة قريش، رأوا ـ باستثناء قائدهم ابن جبير وعشرة معه ـ أنه لم تعد هناك حاجة للثبات في أماكنهم، فقرروا النزول لينالوا نصيبا من الغنائم، فوجدها خالد بن الوليد ـ الذي كان على خيل قريش ـ فرصة للانقضاض على المسلمين من الخلف، فاستشهد الرماة العشرة الذين بقوا على الجبل، وفاجأت خيل خالد المسلمين من خلفهم، وتزامن ذلك مع إذاعة خبر مفاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل، فبدأن صفوف جيش المسلمين تتزعزع، فكانت النتيجة أن استشهد سبعون رجلا من المسلمين وجرح كثيرون، وقتل أربعة وعشرون من المشركين.
ورغم خسائر المسلمين الباهظة في هذا اليوم، فإنه يبدو أن معركة أحد لم تأت بالنتيجة التي كانت قريش تسعى إلى تحقيقها، إء لم يستطيعوا تتبع المسلمين، كما أنهم لم يقضوا على قدراتهم ولم يرهبوهم، ولعل غزوة حمراء الأسد أقوى دليل على ذلك.
غزوة حمراء الأسد
وفي اليوم الموالي ليوم أحد، أي السادس عشر من شهر شوال من السنة الثالثة للهجرة، كانت غزوة حمراء الأسد، وكان هدف هذه الغزوة رد الاعتبار لجيش المسلمين، والرفع من معنوياته، وإظهار القوة للعدو، وإخبارهم أن خسائر المسلمين في معركة أحد لم تؤثر على قوتهم وقدراتهم.
فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالرجال الذين رجعوا معه إلى المدينة من أحد أنفسهم - باستثناء جابر بن عبد الله بن حرام، الذي خلف أباه يوم أحد على القيام بشؤون أخواته- وسار حتى نزل حمراء الأسد، وأقام هناك مدة ثلاثة أيام كانت كافية لإظهار قوة المسلمين، وبث الرعب في جيش قريش الذي رأى قادته أنهم لم يحققوا نتيجة من معركة أحد، فكانوا يخططون للرجوع إلى المدينة، قبل أن تردهم الأخبار بأن جيش محمد صلى الله عليه وسلم، ثم رجع المسلمون إلى المدينة بعد أن تم تحقيق الهدف من غزوة حمراء الأسد.
وفي طريق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد، مر به معبد بن أبي معبد الخزاعي، وكان يومئذ مشركا إلا أن خزاعة - مسلمهم وكافرهم - عيبة نصح النبي صلى الله عليه وسلم، فعز عليه ما يرى من أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم خرج معبد حتى وافى جيش قريش وقد هموا بالرجوع إلى المدينة، فسأله أبو سفيان إن كان لديه خبر عن محمد صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فأجابه بما نقله لنا العالم الجليل محمذن ولد محنض بابه في قرة العينين، فأفاد وأمتع، حيث قال:
إن محمدا وجيشه اللهام
يأتيك حالا بالسيوف والسهام
والخيل من بعد قليل تبدو
لك نواصيها وهي تعدو
وبهم التحق من تخلفوا
عنهم بالامس عندما تألفوا
فانج بنفسك على الفور ولا
تخالفن ناصحا أخا ولا
وكنت أنشأت لفرط الذعر
والخوف شعرا فاستمع لشعري.
غزوة الخندق
وفي شوال من خامسة سني الهجرة النبوية، كانت غزوة الخندق، وتسمى أيضا غزوة الأحزاب، وسببها المباشر ـ إضافة إلى عداء قريش وسائر قبائل العرب للإسلام ـ أن بني النضير قاموا بمحاولة اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، فغزاهم صلى الله عليه وسلم، وطردهم من المدينة، كما قدمنا في أبرز أحداث ربيع الأول، فراموا الانتقام، وأخذوا يؤلبون القبائل العربية، وينسقون بينها، ونجحوا في تشكيل تحالف لعدد طمن القبائل العربية، لغزو المدينة، ويتألف هذا التحالف من قريش التي تقوده، وغطفان وبنو سليم وبنو أسد وبنو كنانة، وقد انضم إليهم بنو قريظة لاحقا، ثم غزت هذه القبائل المدينة في جيش جرار بلغ عشرة آلاف مقاتل.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم، لما وصل خبر مسير الأحزاب إلى المدينة استشار أصحابه، فاقترح عليه سلمان رضي الله عنه بأن يعمل خندقا دون العدو، فلما وصلت جيوش العدو إلى المدينة تفاجأت بالخندق الذي يحول بينهم وبين دخول المدينة، وهو أمر جديد على العرب، لم تألفه في حروبها، فلم يستطع المشركون دخول المدينة ولم يعد أمامهم إلا حصارها الذي استمر عدة أسابيع، تخللتها بعض المناوشات.
بعد أسابيع من حصار المدينة، وبعض المناوشات، تضافرت عدد من العوامل كان كفيلا بإنهاء الأزمة دون أن يحقق الأحزاب أي نتيجة من هذه الغزوة، وذلك أن طول الحصار أنهك الأحزاب وبدأ حالهم يتدهور إذ طفق زادهم ينفد، ومطاياهم تتأثر من طول الحصار، وهنا جاء الصحابي الجليل نعيم بن مسعود الأشجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلن إسلامه بين يديه، وطلب من رسول الله أن يأذن له في التقول ليخذل عن المسلمين، فأذن له، وسعى نعيم بين بني قريظة من جهة، وقريش وغطفان من جهة أخرى، حتى أصبح كل فريق يشك في الآخر ولم يعودوا يثقون في بعضهم البعض.
كل هذا تزامن مع هبوب ريح لا يقوى أمامها شيئ، أيد الله بها نبيه، إذ لم تدع للعدو بناء إلا اقتلعته ولا قدرا إلا كفأتها، كل ذلك جعل قادة الأحزاب يرون أنه لم يعد أمامهم إلا الانسحاب، فكانت نتيجة هذه الغزوة لصالح المسلمين حيث خبأ حماس المشركين بعد فشلهم في تحقيق النتيجة المرجوة من غزو المدينة بعشرة آلاف مقاتل وبتحالف أغلب القبائل العربية في المنطقة، الأمر الذي يعز أن يتكرر، كما أسهمت الغزوة في الرفع من معنويات المسلمين حين استطاعوا الصمود أمام هذه القوة الهائلة.
سرية كرز بن جابر في إثر العرنيين
وفي شهر شوال من سنة ست للهجرة، كانت سرية كرز بن جابر، وسببها أن ثمانية رهط من عرينة، جاؤوا إلى المدينة وأعلنوا إسلامهم، وقالوا إنهم أهل بدو لا يطيقون حياة المدينة، فمكنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من لقاح له، وأرسل معهم راعيا، ليتمتعوا بلبانها خارج المدينة، فعدوا على الراعي فقتلوه وسملوا عينيه، واستاقوا اللقاح، فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم على إثرهم فرسانا يقودهم كرز بن جابر الفهري، فأدركوهم وأنقذوا اللقاح، وتم القصاص من العرنيين، إذ فعل بهم مثل ما فعلوا بالراعي، وللعالم الجليل غالي ولد المختار فال، مشيرا إلى هذه السرية:
فنجلَ جابر المننيب ذا العلا
كرزا بأمر نفر عدوا على
لقاح خير مرسل وقتلوا
غلامه ومقلتيه سملوا
ومعلوم أن كرزا قائد السرية، هو من سبق وأن نهب سرح المدينة قبل إسلامه، وقد أشرنا إلى ذلك سابقا في حديثنا عن أسباب غزوة بدر وخروج الأنصار، وذلك ضمن كلامنا عن أحداث رمضان، وقد أشار في نظم الغزوات إلى إغارة كرز على سرح المدينة، وإنقاذه لقاح النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السرية، بقوله:
فبدر الأولى بإثر ناهب
سرح المدينة مغذ هارب
كرز بن جابر وبعد استنقذا
لقاحه ممن عليها استحوذا
غزوة حنين
وفي شهر شوال من من ثامنة السنين الهجرية، كانت غزوة حنين، وحاصله أنه لما تم فتح مكة بعشرة آلاف مقاتل، وازدادت بمقاتلي قريش، علم أغلب قبائل المنطقة أنه لا قبل لهم باعتراض طريق الإسلام، وطفقوا يستسلمون للأمر الواقع، إلا أن قبيلتي هوازن وثقيف القويتين لم تركنا لذلك، وبدأتا تتجهزان لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ رأتا أنهما وجهته المقبلة.
كانت غزوة هوازن أولا، حين اجتمعت منهم جيوش هائلة مدعومة من ثقيف، وأخذت تتهيأ لحرب المسلمين، فغزاهم صلى الله عليه وسلم في اثني عشر ألف مقاتل، والتقى الفريقان بواد يسمى أوطاس، فكانت الغلبة في البداية لهوازن، إذ انكشف المسلمون في بداية المعركة، غير أن ثبات النبي صلى الله عليه وسلم وعدد من الصحابة، جعل المسلمين المنكشفين يكرون من جديد ويستميتون في القتال حتى انهزمت هوازن، وتفرقت إلى عدة فرق إحداها دخلت الطائف، مع من هربوا إليها ممن كانوا مع هوازن في حنين من ثقيف.
غزوة الطائف
وفي شهر شوال من ثامنة سني الهجرة النبوية أيضا، كانت غزوة الطائف، وذلك أنه لما كانت ثقيف إحدى أكثر القبائل المجاورة لمكة قوة، وأشدها عداء للإسلام، وبعد إعانتها لهوازن في غزوة حنين، ولجوء بعض فلول هوازن إلى الطائف، اتجه النبي صلى الله عليه وسلم من أوطاس حيث معركته مع هوازن، إلى الطائف حيث تقيم ثقيف، وحاصرها زهاء نصف شهر، ليفك الحصار بعد أن رآه غير مجد بفعل قوة حصون ثقيف وتوفر المواد الغذائية عندهم، وقد أسلمت ثقيف بعد ذلك.